**تأسيسه للدولـــــة:
أسس الأمير عبد القادر دولة إسلامية قوية ,ونظم جيشاً وطنياً وقف في وجه أكبر دولة برية في العالم في ذلك الزمن موقف الند, وكبد الغزاة خسائر فادحة أفقدتهم الأمل بالسيطرة على البلاد ,فعمد هؤلاء الغزاة إلى تفتيت الوحدة الوطنية التي أسسها الأمير تحت راية "الله أكبر" لمدة سبعة عشر عاماً,وهي مدة حكمه, واتبعوا أيضاً سياسة الأرض المحروقة والترغيب والتهديد,والجيوش الجرارة بأحدث الأسلحة.وكل تلك الخطط لم يجدوا فيها نفعاً فالتجأ ساستهم إلى سلطان المغرب وبالتهديد باحتلال مدنه وأجبروه على عقد اتفاقية معه لمنع وصول أي مساعدات لقوات الأمير وكتابة رسائل بخطه إلى زعماء القبائل لتحذيرهم من مساندة الأمير, وتكليف المخبرين بالتفتيش عن الزمالة ومكانها وتدميرها مما اضطر الأمير لخوض معارك دفاعية دامية خارجة عن نطاق مخططاته دفاعاً عن حصنه المتنقل (الزمالة) وقواته المجاهدة.
وآخر معركة دفاعية كانت ضد قوات نظامية للدولة الشقيقة على ضفاف نهر ملوية وهي الحدود الدولية الفاصلة بين الدولتين شاهد فيها فرسانه يتساقطون برصاص أخوة لهم بالدين والجوار,وعلى الرغم من انتصاره في تلك المعركة إلا أنه ومن بقي معه من قادة جيشه وجدوا بعد دراسة المستجدات أن وجه الحرب قد تغير وبات الغزاة في سعادة واطمئنان بفتح هذه الجبهة الإسلامية العربية بوجه الأمير وجيشه الوطني ,فقرر الأمير ومن كان معه وقف الحرب وسفك دماء المسلمين وقتل الأخ لأخيه في الدين والجوار,ووقف تلك المهزلة وليس وقف مقاومة الغزاة التي ترك رايتها بيد الشعب ثم الهجرة الشرعية والعودة في ظروف تناسبه , وافق العدو على وقف الحرب ً وعلى خروج الأمير من الجزائر من غير معوقات ومن غير شروط.
فعقدت اتفاقية رسمية بين الطرفين خرج الأمير بموجبها من البلاد متجها ً إلى عكا, ولكن أثناء الطريق جاء أمر لربان الباخرة بتغيير وجهتها نحو فرنسا ومدينة طولون .لقد قرأت فرنسا أفكار الأمير بالعودة إلى الجزائر فألغت الاتفاق وغدرت به .
**مقاومة الأمير عبد القادر
تمثل مقاومة الأمير عبد القادر مرحلة هامة من مراحل الكفاح المسلح للشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي في طوره الأول، فبعد مبايعة الأمير عبد القادر في نوفمبر 1832، وهو في عز شبابه شرع في وضع مشروع بناء دولة حديثة ،فكانت حياته مليئة بالإنجازات العسكرية والسياسية والحضارية.
ويمكن تقسيم المقاومة إلى ثلاث فترات
*مرحلة القوة 1832-1837
عمل الأمير على توحيد صف مختلف القبائل حول مسألة الجهاد، وبسط نفوذه على أغلب الغرب الجزائري وأتخذ من مدينة معسكر عاصمة له وشرع في تنظيم المقاومة ، فاستولى على ميناء آرزيو لتموينها ، وشرع في تنظيم الجيش ، إضافة الى فرق المدفعية ودربهم على حرب العصابات ، وفي إطار التنظيم العسكري زيادة على توحيد الأوامر والقوانين العسكرية الدالة على الانضباط والصرامة في المؤسسة العسكرية مثل :
- وضع سلم تسلسلي للرتب العسكرية على النحو التالي : رقيب - رئيس الصف - السياف - الآغا.
-قسم الوحدات الأساسية في الجيش النظامي إلى كتائب و تضم الكتيبة الواحدة مائة جندي.
-وسـع دائرة نفوذه إلى أنحاء أخرى من الوطن شملت جزءا كبيرا من إقليم تلمسان ومليانة والتيطري (المدية).
وتوسع نفوذ الأمير عبر الغرب الجزائري خاصة بعد انتصاراته العسكرية ، وقد كانت بطولته في المعارك مثار الإعجاب من العدو والصديق فقد رآه الجميع في موقعة "خنق النطاح" التي أصيبت ملابسه كلها بالرصاص وقُتِل فرسه ومع ذلك استمر في القتال حتى حاز النصر على عدوه، وأمام هذه البطولة اضطرت فرنسا إلى عقد اتفاقية هدنة معه عرفت باسم القائد الفرنسي في وهران وهي معاهدة "دي ميشيل" في عام 1834، وبهذه الاتفاقية اعترفت فرنسا بدولة الأمير عبد القادر، وبذلك بدأ الأمير يتجه إلى أحوال البلاد ينظم شؤونها ويعمرها ويطورها، وقد نجح الأمير في تأمين بلاده إلى الدرجة التي عبر عنها مؤرخ فرنسي بقوله: "يستطيع الطفل أن يطوف ملكه منفردًا، على رأسه تاج من ذهب، دون أن يصيبه أذى!!".